ارى و اسمع اشياء لا اكاد اصدقها. كيف يجرئ مواطنون و احزاب على قول انه لا تجوز محاكمة الصحوفيين ؟ ذكرني هذا بايام اعتصامات القصبة حين كان الحبر يسيل بمجرد اعتداء الشرطة على صحفي او فنان في حين انه لا يعار نفس الاهتام الى الاعتداء على بقية المواطنين. ما هذه القداسة التي تحيط بالصحوفيين و الفنانين ؟ هل ترى الصحفي و الفنان اكثر و وطنية من بقية الشعب ؟ اولم يناشدوا بن علي لمدة ربع قرن ؟ هل تغطيتهم للاحداث او فنهم هو الذي انجح الثورة ؟ او لم ينقل الشعب نفسه الاحداث عبر الفايسبوك ولا يزال يقوم بذلك ؟ هل ترى عملهم انبل من عمل الطبيب الذي ينقذ الاف المرضى من الموت او المهندس الذي يسهر على حل مشاكل الناس في الحياة او عون النظافة الذي يعمل في البرد و الحر ليحافط على سلامة البيئة و يوفر لنا بيئة يمكن العيش فيها او العامل اليومي في المصانع الذي يسهر على صنع كل ما نحتاجه او الفلاح الذي يشقى ليوفر لنا الطعام او غيرها من المهن ؟ لا اظن ذلك... فاليوم من المستحيل ان نعيش بدون طبيب او مهندس او عامل نظافة او غيرهم في حين ان الصحافة و الفن يمكن العيش بدونها و لعل اكبر دليل على ذلك هو اننا عشنا بدونها ربع قرن واقول بدونها لانني لا اعتبر تلك المقالات الخسيسة المدحية التي كانت تنشر صحافة كما اني لا اعتبر ذلك الفن الدنيء الذي كان يؤدى فنا.
فكيف يتجرا الناس ان يقدسوهم و يخيروهم على بقية المواطنين ؟ كيف يتجرا العديد على قول انه لا تجوز محاكمة الصحوفيين و الفنانين ؟ اوليست الديمقراطية التي يطمحون اليها يكون فيها القانون فوق الكل ؟ ام ان الصحوفيين و الفنانين استثناء ؟ كيف نطالب بقضاء عادل ان كنا نطالب بترك الصحوفيين و الفنانين فوق القانون ؟ هل تخلصنا من ديكتاتورية بن علي لتقام علينا ديكتاتورية الصحوفيين و الفنانين ؟ ايريد هؤلاء المواطنون بناء ديكتاتورية جديدة من نوع اخر ؟ هل نجوز للصحوفيين و الفنانين استفزاز المسلمين منا و اهانتهم و انتهاك شعائرهم ؟ و اذا ما فعلنا كيف نكون قادرين على حماية حقوق الاقليات ان كنا عاجزين عن حماية حقوق الاغلبية ؟ كيف نطمع في كرامة اي كانت اذا اعطينا للشخص الواحد حقا في الاعتداء على كرامة الملايين ؟ كيف نطمع في قضاء عادل ان كنا نجعل بعض الناس فوق القانون ؟
ثم اني ما استغربه اكثر ان بعض الاحزاب نشرت بيانات تقول انه اذا لم يحكم القاضي لفائدة القناة نسمة فذلك دليل على عدم نزاهة القضاء. اني اجيب و اقول انه اولا لا يحق لاي حزب كان اصدار اي بيان كان في الموضوع لان القضية رفعها بعض المحامين و المواطنين ضد القناة نسمة و لهم حق شرعي في ذلك يضمنه لهم القانون و نسمة مجرد مؤسسة كغيرها من المؤسسات فلماذا يعار اهتمام هائل بها من طرف الاحزاب في حين انه لا يعار اي اهتمام بجل القضايا التي رفعها مواطنون اخرون بمؤسسات اخرى ؟ ان دل هذا على شيء فهو انه توجد قضية خلفية تتضارب فيها المصالح يود البعض ابعادها عن انظارنا... وباي حق تتدخل الاحزاب و بعض الشخصيات السياسية في الامور القضائية ؟ اولا يشكل ذلك ضغطا معنويا على القاضي و يسلب بذلك القضاء من حياده و نزاهته ؟ انا اقول ان القانون التونسي واضح وهو يعاقب على مثل ما قامت به قناة نسمة وعلى عكس ما تداولته بعض الاحزاب، ان تم الحكم لفائدة نسمة فهذا دليل على ان القضاء ليس نزيها و انه يوجد تضارب مصالح في هذه القضية و استغلال للنفوذ السياسي من قبل بعض الاحزاب و الشخصيات السياسية للتاثير على القاضي و لا ربما استغلال بعض النفوذ المالي في ذلك... انا اقول انه اذا كنا سنخلي سبيل من يهين شعبا باسره باسم حرية التعبير و الديمقراطية فسلاما على حرية التعبير و الديمقراطية...